الذوق سلوك الروح
في الشريعة فرائض و واجبات و سنن و آداب و فيها محرمات و مكروهات ، و وضعت أيضا أصولا لضبط التعامل مع الرأي العام مما يصطلح عليه الذوق و مراعاة الرأي العام . فصياغة الشخصية الدعوية لا ينتهي عند الحدود التي يوجبها الشرع من التزام أحكام الحلال و الحرام و إنما تلزمها أيضا آداب يمليها الذوق الرفيع الحسن لتجميل مشاركة الداعية في حياة الناس اليومية و للارتفاع بمستوى تعامله الاجتماعي ولا بد أن يتميز بأفعاله وعاداته و كلامه و حركاته و مخالطاته عن أعراف العامة و ما يعكرها من خشونة و سماجة و هدر لمقاييس الجمال .
و من الناس من يحسب أن هناك خصومة بين الإسلام و الجمال تدعو المسلمين إلى التهجم على الذوقيات و إدارة الظهر إلى ما في الكون من آيات البهجة و الزينة و الجمال ، و قد استغل بعض الخصوم من هذا المسلك سبيلا للطعن في الإسلام ، و سنبين في هذا البحث – بحول الله و قوته – التأصيل الشرعي لمسائل الذوق أو ما يعرف بالأريحيات و المروءات ، هذا الميراث العظيم –المفقود في دنيا الناس – ورثناه عن النبي و عن أئمة و علماء هذه الأمة رحمهم الله .
لا شك أن أذواق الناس قد تمرض ، و أن الرأي العام قد يكون مضللا ، و على هذا الأساس فإن علماء أهل السنة و الجماعة لا يعتبرون العقول وحدها ميزانا للتحسين و التقبيح المرتبطان إلى حد كبير بالعواطف و لذلك نقول ابتداء :
إنه لا قيمة للذوق و لا للرأي العام إذا عارض الفرائض و الواجبات و السنن و الآداب أو دخل دائرة المكروهات أو المحظورات ( المحرمات ) .
إذن : مراعاة الذوق و الرأي العام رعاها الشارع في المباحات .
إن الإسلام و الذوق و المروءة مترادفات و متكاملات ، فإذا تعارض ما ظنه الناس ذوقا – أو مروءة-مع الإسلام فذلك علامة على فساد الذوق و سخف المروءة ، أما إذا لم يتعارض شيء من ذلك مع الإسلام فالذوق مقبول – بل مطلوب – " خذ العفو وأمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين " .
لقد كان رسول الله يربي أصحابه على أنواع من الذوق الرفيع في " الأسماء " و السلوك لأن الإسلام كله ذوق ، فالتوحيد أعلى درجات ذوق القلب ( العقاد يقول أن الشيوعية مذهب ذوي العاهات) و العبادات أعلى درجات ذوق الجسد ، و الاستئذان و التلطف في الخطاب و احترام الصغير للكبير و توقير الكبير للصغير ، و الابتعاد عن الكبر و الخيلاء ... و كل ذلك ذوق رفيع على المسلم أن ينميه .
و قد أخذ هذا الموضوع أهمية بالغة عند علمائنا فقد قال حجة الإسلام أبي حامد الغزالي في " الإحياء " في معرض تعريفه لحقيقة السخاء و البخل : " إن الواجب قسمان : واجب بالشرع و واجب بالمروءة و العادة ، و السخي هو الذي لا يمنع واجب الشرع و لا واجب المروءة ، فإن منع واحدا منهما فهو بخيل و لكن الذي يمنع واجب الشرع أبخل ... فمن أدى واجب الشرع و واجب المروءة اللائقة به فقد تبرأ من البخل "
و قال صاحب كتاب " الدر المختار" بمناسبة الكلام عمن لا تقبل شهادته : " أو يبول أو يأكل على الطريق و كذا كل ما يخل بالمروءة ... " و قيد ابن عابدين – رحمه الله - الأكل لمن كان بمرأى من الناس و استثنى من ذلك شرب الماء و أكل الفاكهة و قال :" لا تقبل شهادة من يعتاد الصياح في الأسواق " إذا : المباح إذا أخل بالمروءة أسقط العدالة .
و المستقرئ اليوم لحال البشرية – في واقعنا المعاصر – يرى سلوكيات أبعد ما تكون عن الذوق السليم و من أسباب ذلك :
• غياب التربية الإسلامية .
• غياب القدوة ( الوالد يدخن ، الأم ترمي الأوساخ ، إمام مظهره سيء ...) .
• سلبية المؤسسات الفاعلة في المجتمع ( وسائل الإعلام ، المساجد .......) .
• عدم تهذيب الطبائع .
و المسلم عموما – و الداعية خصوصا – مدعو إلى التخلق بأخلاق رسول الله ليكون ربانيا متحليا بمعاني أسماء الله الحسنى و قد جاء في الحديث : " إن الله جميل يحب الجمال " – رواه مسلم- و الجمال بشقيه جمال الصور و المعاني ، و من هنا كانت دعوة القرآن الناس إلى اتخاذ الزينة في كل مسجد " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " ، و الملاحظ في هذا النداء أنه موجه لكل الناس و ليس للمسلمين فقط ، وفي أي مكان باعتبار أن كل بقعة هي مسجد للمسلم " وجعلت لي الأرض طهورا و مسجدا " .
فالتربية الذوقية في الإسلام أصيلة غير متكلفة و لا طارئة قامت على أسس شرعية منها :
1. الأمر بالخلق الحسن " لا إيمان لمن لا خلق له " .
2. النهي عن سوء الخلق .
3. التحذير من الأذى – حتى إلى الحيوان – ( قصة المرأة مع الهرة ) .
4. إقرار الأعراف الحميدة " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " .
5. تميز الشخصية المسلمة .
و يتجلى الذوق الرفيع للداعية المسلم فيما يلي :
1/ ذوقيات المظهر العام :
لم يأت يوم على البشرية آثرت القبح على الجمال أو الفوضى على النظام ، أو القذارة على النظافة و صار بهذا المظهر كافيا لتكوين الانطباع الأولي و قد ورد عن أبي حنيفة – رحمه الله- قوله : " لباسك يرفعك قبل جلوسك و علمك يرفعك بعد جلوسك " فإن كان هذا الانطباع إيجابيا تطلع الناس إلى مضمون إيجابي ، و إن كان سلبيا فإن الناس لا يتوقعون الكثير حتى و إن كان من العلماء ، فإن ذلك سيكون عندهم منقوصا أو معدوم الأهمية ، و من ثم كان هديه الحرص على نظافة الثياب و التطيب .
و في هذا الصدد يقول المفكر مالك بن نبي (رحمه الله) في كتابه " مشكلة الثقافة" : " لا يمكن لصورة قبيحة
أن توحي بالخيال الجميل أو بالأفكار الكبيرة فإن لمنظرها القبيح في النفس خيالا أقبح ، و المجتمع الذي ينطوي على صور قبيحة لا بد أن يظهر هذه الصور في أفكاره و أعماله و مساعيه...فبالذوق الجميل الذي ينطبع فيه فكر الفرد يجد الإنسان في نفسه نزوعا إلى الإحسان في العمل و توخيا للكريم من العادات " .
ففي زماننا هذا صار الوصم بصفة " الإهمال" من أشنع أنواع الهمز و اللمز ، لأن ذلك يعني الخروج على روح العصر الذي يحبذ الاهتمام بكل شيء – وإن بدا تافها- و بناء على هذا فإن اهتمام الداعية بملابسه وغرفته و حذائه ... مهم جدا في الانطباع الذي يشكل لدى الناس (بدون إفراط) ، و فيما يلي بعض النقاط الهامة في تحسين أذواقنا مظهريا :
نظافة الجسم و الثياب :
تنمية الإحساس الجمالي للمسلم هو تنمية للملكات و الطاقات التي أنعم الله عليه بها و في ذلك شكر لله على نعمه " وأما بنعمة ربك فحدث " وفي الحديث :" إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " – رواه الترمذي – و في حديث آخر قال " إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم و أحسنوا لباسكم حتى تكونوا شامة في أعين الناس فإن الله لا يحب الفحش و لا التفحش " – أخرجه أبو داود - .
و الثياب الجديدة نعمة لا يقف المسلم عند منفعتها المادية و إنما يبصر فيها المعاني الجميلة للثوب الجديد فلقد قال رسول الله لعمر بن الخطاب :" البس جديدا و عش حميدا و مت شهيدا و يرزقك الله قرة عين في الدنيا و الآخرة " – رواه أحمد و ابن ماجة - و قال الإمام ابن الجوزي – رحمه الله – في " صيد الخاطر": " فقبيح بالعاقل إهمال نفسه ، و قد نبه الشرع على الكل بالبعض فأمر بقص الأظافر ... و نهى عن أكل الثوم والبصل النيئ لأجل الرائحة ، و ينبغي له أن يقيس على ذلك و يطلب غاية النظافة و نهاية الزينة و قد كان النبي يعرف مجيؤه بريح الطيب فكان الغاية في النظافة و النزاهة " .
• تعديل الشعر : عن عائشة رضي الله عنها قالت :" كنت أرجل رأس رسول الله و أنا حائض " البخاري
• قص الأظافر : " من الفطرة حلق العانة و تقليم الأظافر و قص الشارب " – رواه البخاري - .
• الثياب الطاهرة : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : رأى رسول الله رجلا و عليه ثياب وسخة فقال :" أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه " – رواه أبو داود – و قد قال عمر " مروءة الرجل نقاء ثوبه " ، و قال الميموني :" ما رأيت أحدا أنظف ثوبا و لا أشد تعاهدا لنفسه في شاربه و شعر رأسه و شعر بدنه و لا أنقى ثوبا و أشد بياضا من أحمد بن حنبل " و قد جاء في الأثر: " المروءة الظاهرة في الثياب الطاهرة " .
• الحرص على ترتيب الملابس مهم جدا و عكس ذلك مخدش .
• من الذوق أن لا نخالط الناس بثياب المهنة ، فلكل مكان خصوصياته فلقد ورد عنه أنه نبه إلى اتخاذ ثوب للجمعة . ( لباس النوم في المسجد ، بدلة رياضية بالمعهد ..... ليس من الذوق ) .
• الابتعاد عن الألوان المزعجة و الرسومات المخدشة ( اللون الأحمر مثلا) : فقد قال الطبري رحمه الله : " الذي أراه جواز لبس الثياب المصبغة بكل لون ، إلا أني لا أحب لبس ما كان مشبعا بالحمرة ، و لا لبس الأحمر مطلقا فوق الثياب لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا ، فإن مراعاة زي الزمان من المروءة ما لم يكن إثما و في مخالفة الزي ضرب من الشهرة " – فتح الباري لابن حجر العسقلاني –
• النعل الحسن : نظيفا و بعيدا عن ما يخدش الرجولة ( رسومات ، إحداث صوت مزعج ...) ، و في الحديث قال :" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" فقال رجل :" إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنا " فقال :" إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق و غمط الناس"
• تنظيف الأسنان : بالسواك أو الفرشاة خاصة عند التوجه للمسجد أو عند النوم .
• الاغتسال : خاصة عند أيام الحر حتى لا يشتم منك رائحة العرق و في الحديث : " حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه و جسده " – رواه الشيخان - .
2/ في مجالسة الآخرين و الحضور الاجتماعي :
الكلام عن الذوق يجرنا إلى الكلام عن أدب العلاقات ، فما من شيء أدل على زكاة النفس في الإسلام من أدب العلاقات ، و لذلك كانت مجاهدة النفس و حملها على الكمال في العلاقة مع الغير من أعظم ما يطالب به المسلم ، ذلك لارتباط العلاقة مع الخالق بالعلاقة مع الخلق ارتباطا و ثيقا ، و قد سئل :" أي المؤمنين أكمل إيمانا ؟ قال : أحسنهم خلقا " ، فنحن إذا في حاجة ماسة إلى أن نضفي على علاقاتنا مسحة من التأنق و الشفافية و اللمسات الحانية فذاك وجه من وجوه السمو الإنساني ، و ينبغي أن يظل مؤطرا بإطارين عظيمين المشروعية و الاعتدال ، و يمكننا أن نلخص ذلك في النقاط التالية :
• الإصغاء : يقولون إن الله خلق للإنسان لسانا واحدا و أذنين حتى يسمع ضعف ما يتكلم و علينا أن نتعلم كيف نتكلم و كيف نصغي و في الحديث :" من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " ولنا في سيرته القدوة في محاورته لعتبة بن ربيعة ( لم يقاطعه حتى فرغ من كلامه " أفرغت ؟ ") .
• لا تسبق المتحدث بذكر نهاية قصة أو تسمية كتاب أو إتمام حديث ، فلقد كان السلف ينكرون هذا السلوك النابي كـعطاء بن أبي رباح فقد " حدث بحديث فاعترضه رجل فغضب عطاء و قال : ما هذه الأخلاق؟ ما هذه الطباع ؟ و الله إن الرجل ليحدث بالحديث لأنا أعلم به منه و لعسى أن يكون سمعه مني فأنصت إليه و أريه كأني لم أسمعه ، و قد سمعته قبل أن يولد " ، و من كثرة إنصاته شبهه المنافقون بالأذن" ومنهم الذين يوذون النبي و يقولون هو أذن " فرد الله عليهم : " قل أذن خير لكم يومن بالله و يومن للمومنين و رحمة للذين آمنوا منكم " .
• رفع الصوت كثيرا فيه رعونة و إيذاء " واغضض من صوتك " و من وصايا الإمام الشهيد :" لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع ... " .
• احرص على أن تكون رائحة الفم طيبة ( السواك ، الفرشاة ...) ففي الحديث :" من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو قال : فليعتزل مسجدنا و ليقعد في بيته " – رواه البخاري –
• لا تحتكر الحديث و احذر الثرثرة أو استعمال كلمات تكون في بلدتك عادية و في بلدة أخرى عيب و شتيمة لا تغتفر .
• أحسن اختيار موضوع الحديث على حسب عقول الناس كما أنه لكل مقام مقال (جنازة—حديث عن التجارة / زفاف—الطلاق ...!!) و لا تتكلف في الكلام ( كناية ، استعارة ، لغة أجنبية ......) .
• سياق الكلام على حسب الموقع ( قصة أو نكتة عن أعرج و قد يكون ضمن الحاضرين أعرجا ) .
• لا نعيب طعاما أمام الناس فما عاب رسول الله طعاما قط ( في حديث رواه البخاري) .
• الحذر من النجوى بين اثنين في جماعة أو الاستحواذ عل الجلسة بالمناقشة الثنائية و تناسي الآخرين .
• ليس من الذوق أن يتكلم الإنسان على الطعام بما يجلب الهم و الحزن ( ذكر النار مثلا ) .
• مما يخدش الذوق : تنظيف الأسنان في جماعة ، نتف الإبط ، مضغ العلك مطولا ، قص الأظافر،عدم وضع اليد عند التثاؤب ، تنظيف الأذن أو الأنف ، فرقعة الأصابع ، التمخط .....إلخ .
• لا تنظر إلى كتاب أو رسالة جليس لك إلا بإذنه ، قال الخلال :" كراهية النظر في كتاب الرجل إلا بإذنه " أو في مكتبة من تزوره .
• الاعتدال في الجلوس أثناء الأكل فقد قال :" لا آكل و أنا متكئ " – رواه البخاري- .
• اختيار الكلمات الجميلة ففي الحديث الذي رواه البخاري :" لا يقولن أحدكم خبثت نفسي و ليقل لقست نفسي " مع أن معناهما اللغوي واحد ، و اسمع ما قاله العباس بن عبد المطلب :" رسول الله كبير و أنا ولدت قبله " و في قصة يوسف القدوة فقال :"من بعد أن نزغ الشيطان بيني و بين إخوتي " " وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن " ، و لم يذكر الجب حفاظا على شعور إخوته .
3/العلاقات الشفيفة :
• الابتسامة : كل واحد منا يستطيع أن يكون عبوسا ، أما الابتسامة فللصفوة " وتبسمك في وجه أخيك صدقة" و" كان رسول الله أكثر الناس تبسما و ضحكا في وجوه أصحابه " رواه الترمذي و صححه الألباني
• المصافحة: يكره للداعية أن يسلم بيد مرتخية أو بيد ضاغطة حديدية و في الحديث عن أنس بن مالك قال " كان رسول الله إذا صافح أو صافحه الرجل لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع ، فإن استقبله بوجهه لا يصرفه عنه حتى يكون الرجل ينصرف و لم ير مقدما ركبتيه بين يدي جليس له " .
• مناداة الناس بأحب الأسماء إليهم و بمستوياتهم ( دكتور ، شيخ ، أستاذ ...) و قد ورد عند البخاري أن ابن عمر كان ينادي ابن جعفر ابن أبي طالب بـ " ابن ذي الجناحين " .
• لا تسرف في إعطاء المواعيد لأن عدم الوفاء بها يفسد العلاقات .
• اختيار الوقت المناسب للزيارة أو الاتصال الهاتفي ( منتصف الليل ، السابعة صباحا........) .
• طرق الباب برفق ثلاثا أو لمسة خفيفة على الجرس و يكون الوقوف بعد الطرق جانبا لا أمام الباب ففي الحديث :" الاستئذان ثلاث فإن أذن لك و إلا فارجع " – رواه مسلم – و روى البخاري في " الأدب المفرد " عن أنس :" أن أبواب النبي كانت تقرع بالأظافير " .
• ذكر الاسم عند الدق فعن جابر بن عبد الله قال : " أتيت النبي في دين كان على أبي فدققت الباب فقال : من ذا ؟ فقلت : أنا ، فقال : " أنا أنا " كأنه كرهها " – رواه البخاري – و عند الزيارة لا تكثر الأسئلة كرجل المخابرات ( كم اشتريت هذا الأثاث ؟ هذا التلفاز ؟ ....) .
• لا تجلس بين إثنين إلا بإذنهما " لا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما " .
• إذا كنت في زيارة فخفف ما استطعت و تذكر قول الله " إن ذلكم كان يوذي النبي فيستحي منكم ......"
خاصة إذا كان الزائر مريضا ، و لا تنس أن ترفع معنوياته و احذر من ذكر الموت أمامه و أظهر الرقة و الدعاء له بالعافية .
• دخول البيت أو الغرفة برفق – لا سيما عند منتصف الليل – و لا تجر رجليك ، فعن المقداد بن الأسود : " كنا نرفع لرسول الله نصيبه من اللبن فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ النائم و يسمع اليقظان " – رواه مسلم - .
• إذا كان لك هاتف جوال فاختر نغما مناسبا ( أبعد عن التهريج) و أغلقه في الأماكن التي تحتاج التركيز والخشوع ( المسجد ، المقبرة ، المحاضرة ....) و استأذن جلسائك في الرد ( في الأماكن الأخرى ).
• إذا استعرت شيئا فرده في أحسن مما كان و في الموعد المحدد ( جريدة مرتبة و نظيفة ، لا تثن صفحات الكتاب ، احذر أن توسخه أو تكتب عليه .......) .
• لا تهمل الرد على الرسالة فإن بعض العلماء يراه واجبا فهو دليل التفاعل و قد بوب البخاري في " الأدب المفرد " بابا بعنوان " باب جواب الكتاب " و ذكر قول ابن عباس :" إني لأرى لجواب الكتاب حقا كرد السلام " ، و احذر الكتابة بلون غير مناسب ( الأحمر ، قلم الرصاص ..) فإنه دليل عدم الاهتمام .
• اجتهد عند كتابة الرسالة في اختيار ورقة محترمة و أن يكون خطك جميلا فقد قال مجاهد في قوله تعالى " يوتي الحكمة من يشاء " قال :" الحكمة الخط " و العرب تقول :" الخط أحد اللسانين و حسنه أحد الفصاحتين " و لا تضيق بين السطور فقد قال الإمام ابن الجوزي – رحمه الله - :" و يكره تضييق السطور و تدقيق القلم فإن النظر إلى الخط الدقيق يؤذي " .
• إذا خرجت من الصلاة فلا ترم نعلك على الأرض و أنت واقف و لكن اقترب من الأرض و ضعه برفق.
• لتكن في نصيحتك لينا " ما بال أقوام " و قد أوصى الإمام الشهيد حسن البنا فقال :" لتكن نصيحتك تلميحا لا تصريحا و تصحيحا لا تجريحا " .
صورة من ذوق الداعية :
زار الإمام الشهيد حسن البنا – رحمه الله – إحدى قرى الصعيد و أقام الإخوان احتفالا كبيرا في هذا اليوم ، و بعد انتهاء الحفل ألح أحد الفلاحين على الإمام الشهيد أن يزوره في بيته ، و كان عدد الإخوان كثيرا ، و كان هناك مواعيد و لقاءات ... فقبل الإمام الشهيد أمام الإصرار الشديد الزيارة بشرط ألا تتجاوز الزيارة فنجان شاي . و توجها إلى البيت ، وطلب الرجل من زوجته إعداد فنجان شاي بسرعة ، و سر الرجل ، و كلما أخذ الإمام الشهيد رشفة تبسم و آنس الرجل ، ثم عاد إلى إخوانه المنتظرين و ودعه الرجل
بكل حفاوة ، ثم رجع إلى بيته مسرعا و تناول فنجان الشاي ليتبرك بما بقي منه فلم يجد سوى الأثر و لكنه وجد عجبا ، فوجئ بأن الشاي قد أضيف إليه الملح بدل السكر ! ! !
فتشبهوا بهم إن لم تكونوا أمثالهم فإن التشبه بالكرام فلاح .
و ختاما :
الذوق هو الأخلاق حين ترتدي أجمل ثيابها و هو عطر الأخلاق و نفحاتها ... و الذوق هو قمة الأخلاق حين تتألق في إنسان و تتجلى في أحاديثه و تعاملاته التي تنطوي على أجمل المشاعر و أنبل العواطف ، فالذوق حركة من لطائف الروح و صفاء القلب ... و الذوق هو سلوك الروح المهذبة ذات الأخلاق المرضية و ببساطة الذوق هو الإنسان في أبهى صورة و أرقى حضارة و صدق الله الذي عظم شأن رسوله بالثناء على أخلاقه فقال : " وإنك لعلى خلق عظيم " .
و بعد هذا :
لا نحسب أننا أحطنا بالموضوع كله ولكن "ما لا يدرك كله لا يترك جله" ، وأطلب من كل من قرأ هذا البحث أن لا يبخل علينا بنصائحه و أن لا ينسانا من دعائه ، و الله أسـأل أن يرزقنا الإخلاص و الصواب في أعمالنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يوفقنا للعمل بما علمنا و من الله الحول و الطول وصلى اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه وسلم .