فن التخطيط .. وأثره في حياة الداعية
يحيى بن عبيد الخالدي
تعريف التخطيط
*هوالتفكير اللازم لتنفيذ أي عمل والذي ينتهي باتخاذ القرارات بما يجب عمله، ومتى يعمل؟ وكيف؟وما هي الإمكانات المادية والبشرية والمادية اللازمة لتنفيذه؟.
*أو هو تصميم المستقبل المؤمل وتطوير الخطوات الفعالة لتحقيقه
معايير خاطئة في تحديد الأولويات منها:
أ- تقديم العمل المحبوب على العمل غير المحبوب.
ب- تقديم العمل السهل على الصعب.
ج- تقديم الأعمال ذات الوقت القصير على ذات الوقت الطويل.
د- تقديم الأعمال العاجلة على غير العاجلة وإن كانت مهمة.
وتأمل وصية الصديق حين أوصى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بقوله «.. واعلم أن لله عملاً في الليل لا يقبله في النهار، وأن لله عملاً في النهار لا يقبله في الليل»
أنواع التخطيط الرئيسية:
1- التخطيط المستقبلي وتوقع الأحداث المستقبلية والاستعداد لها.
مثال ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم عين ثلاثة قادة لمعركة مؤتة تحسبًا واستعدادًا لما سيحدث.
2- التخطيط الذاتي لإحداث التغييرات السلوكية – المقبولة في المجتمع والمتوافقة مع الشريعة-.
3- التخطيط التتابعي وهو الانطلاق من حيث توقف الآخرون.
4- التخطيط التحليلي وهو اختيار حل لمشكلة عن طريق طرح الحلول وتحليلها.
خطوات التخطيط: للتخطيط خطوات ثمان أساسية هي:
1- التقييم: الشعور بعد الارتياح والنقد للوضع الحالي والحاجة للتغيير.
2- الالتزام: اتخاذ القرار بشأن التغيير.
3- التقصي: تجميع المعلومات والأفكار والأدوات والدراسات المتعلقة بموضوع التخطيط.
4- القرار: استخدام الحواس والأدوات للوصول إلى أفضل الخيارات المطروحة.
5- التنظيم: وجود استراتيجيات محددة لتنظيم الأولويات والجداول الزمنية والطرق الملائمة للتنفيذ.
فالدعوة يجب أن تركز على الكل ، ثم تنطلق إلي الأجزاء ومثال ذلك: إرسال سيدنا محمد عليه السلام أبا موسى الأشعري لليمن كي يدعو أهلها إلي الإسلام فقد قال له عليه – الصلاة والسلام-: «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإن هم أجابوك فادعهم إلي الصلاة فإن هم أجابوك فادعهم إلي الزكاة».
6- التحضير: الاستعداد بدقة وعناية للتعامل مع الظروف المختلفة.
مثال ذلك: تجهيز النبي محمد الجيش لفتح مكة فقد أخفى وجهة الجيش تحسبًا للظروف التي قد تنشأ في حال علم القبائل بنية المسلمين.
7- التطبيق: تنفيذ سلسلة من المهمات وإمكانية قياسها.
8- الإنجاز: تحقيق الأهداف الحالية ثم البدء في تحقيق أهداف أخرى أثناء صعودك سلم النجاح.
التقييم: معرفة ما تم إنجازه وما نسبة ما حقق من الأهداف الموضوعة.
التقويم: وهو تصحيح الأخطاء التي وقع فيها الداعية لكي يتجنبها في المستقبل.
عناصر التخطيط:
أولاً: التنبؤ: احرص على دقة التنبؤ وأن تكون المعلومات المطروحة من خلاله حديثة وذات فائدة مباشرة ، وممكنة الإدراك وسهلة الفهم؛ لأن الخطط تعتمد بدرجة كبيرة على المعلومات.
ثانيًا: تحديد القواعد والتعليمات: وينبغي أن تكون هذه القواعد والتعليمات التي تنظم أوجه النشاط:
1- مرنة: بحيث تستطيع أن تتأقلم مع الظروف المحيطة.
ومثال ذلك: تأجيل سيدنا محمد – عليه الصلاة والسلام – إعادة بناء الكعبة بعد هدمها عند الفتح وذلك لمراعاة الظرف القائم، وهو أن أهل مكة حديثو العهد بالإسلام ، ولربما يسبب هدم الكعبة ردة بعض المسلمين. حيث قال – عليه الصلاة والسلام – لأحد الصحابة: «لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لنقضت الكعبة وجعلت لها بابين، يدخل منه الناس وباب يخرج منه».
2- واضحة: بحيث يستطيع أكثر من شخص التعامل معها وليس فقط من وضع البرنامج.
3- مستمرة: بحيث تناسب جميع مراحل الخطة ولا تصلح – فقط – لبعض المراحل دون أخرى.
ثالثًا: تحديد الأهداف: بعد أن قمت بتحديد الفكرة العامة للنشاط أو البرنامج جاء دور تحديد الأفكار والأهداف ويشترط في الأهداف المراد تحديدها:
أ- أن تتفق الأهداف مع قيم ومبادئ مجتمعنا الإسلامي مع إمكانية تحقيقها بواقعية.
ب- أن تكون الأهداف واضحة وغير متعارضة مع أهداف أخرى ومفهومة لمن يتولى التنفيذ.
ومثال على تحديد الأهداف: عندما قال – عليه الصلاة والسلام – في غزوة الأحزاب ، والمسلمون في حصار وكرب: «من يأتيني بخبر القوم وله الجنة» واشترط عليه الصلاة والسلام على من يذهب ألا يحدث شيئًا لم يأمر به رسول الله، فذهب حذيفة بن اليمان وجاء بخبر الأحزاب للرسول – عليه الصلاة والسلام – وقد كان بإمكانه قتل أبي سفيان ، ولكنه لم يفعل واكتفى بالهدف الذي خرج من أجله
الأهداف
تعريفها: هي الغايات المراد الوصول إليها.
أقسامها: تنقسم الأهداف إلى:
أولاً: هدف عام: وهو عبارات وصفية تبين ما تريد المؤسسة أو الجمعية أو الإدارة ككل تريد تحقيقه أو التوصل إليه ويتصف بأنه طويل المدى، عام وليس محددًا ويعين الاتجاه الذي يحقق الجهود.
خصائص الهدف العام:
1- يصاغ في عبارات وصفية عامة.
2- طويل المدى.
3- يكون على مستوي الإدارة أو المؤسسة.
4- يوجد الجهود الجماعية.
5- يحدد الاتجاه العام وليس نتائج محددة بعينها.
6- غير قابل للقياس على المدى القريب مثل: «إصلاح شباب الأمة».
ثانيًا: هدف محدد: وهو عبارة محددة تبين النتائج التي تريد إدارة المؤسسة تحقيقها في سبيل تحقيق الأهداف العامة ، وهي تصاغ بشكل كمي ورقمي يجعلها قابلة للقياس في كل مرحلة من مراحل التنفيذ.
خصائص الأهداف المحددة:
1- تركز على نتائج محددة ومثالها سفارة مصعب بن عمير – رضي الله عنه – إلي يثرب قبل الهجرة حيث هدف إلى تعريف أهل يثرب بالإسلام فقط دون زيادة.
2- تصاغ بعبارات أو بأسلوب كمي أو رقمي.
3- قابلة للقياس.
4- مرتبطة بإطار زمني محدد.
5- يختلف مداها الزمني باختلاف المستوى الإداري فيه تتراوح بين قصيرة وطويلة المدى.
6- تكون على مستوى إدارات المؤسسة الفرعية «أو الحزبية» وليس على مستوى المؤسسة ككل.
7- تستمد من الأهداف العامة وتعمل على تحقيقها.
وهي ثلاثة أنواع:
أ- أهداف طويلة المدى (3 – 5 سنوات).
ب- أهداف متوسطة المدى (ستة أشهر – سنتان).
ج- أهداف قصيرة المدى (أهداف يومية – أسبوعية – شهرية – ربع سنوية).
مزايا تحديد الأهداف (مسبقًا):
1- الأهداف تركز وتوجه الاهتمام إلى النتائج النهائية ، وليس التي يقوم بها الأفراد لتحقيق النتائج.
2- الأهداف مقياس للرقابة وتقييم الأداء أثناء التنفيذ.
3- يحقق إنجاز الأهداف الشعور بالرضا.
4- تحول دون إهدار الوقت.
5- تساعد الأهداف في وضع خطة متكاملة متناسقة مع بعضها.
صفات الهدف المحدد الجيد
1- واقعي: لا يكون فيه مغالاة في الطموح والتفاؤل.
2- ملائم: أن يكون جديرًا بالاهتمام والجهد ويساهم في تحقيق الأهداف العامة.
3- قابل للقياس: مكتوب بصيغة كمية «أرقام – نسبة - تاريخ».
4- واضح ومفهوم.
5- يمكن تحقيقه.
6- متناسق: لا يتعارض مع بقية الأهداف لإدارة المؤسسة.
7- مؤقت.
8- محدد: يركز على نتيجة واحدة وليس عدة نتائج.
9- يثير التحدي.
10- مؤثر: أي أن يحدث اختلافًا أو تغييرًا جزئيًا.
11- أن يصاغ باستخدام ألفاظ سلوكية: وهي ما يدل على ما يفعله أو يقوله الإنسان أو يلاحظه الآخرون، مثل: ينفذ- يدرب-يحصل على- يحقق- يزيد.. فهذه الألفاظ يمكن ملاحظتها وبالتالي قياسها. أما الألفاظ غير السلوكية مثل: يتعرف على، يفهم، يلم بـ، يدرك .. فهذه الألفاظ تدل على أشياء لا يمكن ملاحظتها أو قياسها.
المبادئ والإرشادات العامة في التخطيط
1- لا تباشر التخطيط إلا بعد الحصول على قدر كاف من الراحة والهدوء واعتدال المزاج والشعور بالثقة.
2- توافر المعلومات عن الواقع القائم وعن العمل الذي تسعى لإقامته وإيجاده.
3- تحديد الأهداف المرجوة من العمل الذي تخطط له.
4- معرفة وحصر ما تحتاج إليه من وسائل وإمكانات بشرية ومادية لتنفيذ خطتك وتحقيق أهدافك ومعرفة ما هو موجود منها وما هو المتاح الآن؟ وكيف يمكن إيجاده؟
5- تحديد زمان ومكان تنفيذ العمل وإنجازه ويجب أن يكون تحديد هذين العنصرين واضحًا وضوحًا لا لبس فيه فإن لم يتم ذلك فستبقى الخطة ناقصة حتى يتم استكمال ذلك.
6- تحديد من يقوم بتنفيذ العمل إما بتحديد عينه أو شخصه سواء كان فردًا أو مجموعة.
قياس النجاح (التقويم):
تعتبر هذه آخر وأهم مرحلة وهي التي يقاس فيها مدى تطبيق خطتك بنجاح بمعنى ما مدى إنجاز أهدافك أو غايتك؟ وبهذا فأنت بحاجة لتعرف مدى توافق أهدافك النهائية مع خطتك.
نقد وتقدير أدائك في التنفيذ:
إن المقارنة بين ما نفذ وما خطط له يعطيك تقييمًا واضحًا حول أدائك ومن خلال هذه التقييم تستطيع أن تتعرف على مواضع الأخطاء ويمكن تقييم ذلك عن طريق:
1- النوعية والتأكد من أن العمل مساوٍ لما خطط له أم لا؟
2- مقدار العمل وهل هو أقل أو أكثر مما خطط له؟
3- «الجدول الزمني» وهو الزمن الذي يتم من خلاله إنجاز العمل المخطط.
4- الموازنة بين التكلفة المادية المتوقعة والتكلفة الحقيقة.
تطبيق: سفينة نوح عليه السلام:
1- ما هدف التخطيط في هذه الحالة؟
ج: الهدف نقل مجموعة من الكائنات الحية إلي مكان آخر.
2- لماذا كان هذا الهدف ذا قيمة؟
ج: لأنه يحافظ على استمرار الحياة والعبادة على الأرض.
3- من القائم على التخطيط ومن المستفيد منه؟
ج: النبي نوح – عليه السلام – ومن آمن معه ، ومجموعة أزواج من المخلوقات.
4- كيف سيتم تحقيق هذا الهدف؟
ج- باستخدام وسيلة نقل بحرية.
5- متى سيكون العمل أو الحدث أكثر فاعلية؟
ج: عند بداية الفيضان مباشرة.
6- أين سيكون النشاط أكثر فاعلية؟
ج: في ضاحية شرق المدينة.
7- ما تكاليف العمل من موارد بشرية ومالية وزمنية؟
ج: أن يتفرغ نوح – عليه السلام – وعدد من المؤمنين للعمل التطوعي لفترة طويلة ، وبذلك لن تزيد النفقات عن ثمن المواد المطلوبة لبناء السفينة.
8- ما المنفعة التي ستتحقق من هذا العمل؟
ج: عمارة الأرض بالحياة البشرية والحيوانية الخاضعة لله – سبحانه وتعالى.
الأسباب التي تجعلنا لا نخطط
1- الجهل بالتخطيط وعدم معرفة أهميته في الحياة
2- عدم معرفة كيفية التخطيط.
3- عدم القناعة بالتخطيط والشعور بأنه مضيعة للوقت .
4- عدم توافر الطموح وعدم التطلع الحثيث للأفضل والقناعة بالوضع الحالي أو الحالة الراهنة.
5- الاستسلام للأمور العاجلة والغرق في تفاصيلها وجعلها كل شيء في الحياة وعدم التفريق بين المهم والأهم.
الخاتمة
وأخيرًا لا بد من الإشارة إلي حقيقة كبرى يجب ألا يغفل عنها الدعاة هي أن الشرط الأساسي لنجاح الدعوة إلى الله أن يوجد في نفس الداعية شوق عارم إلى العلم، وظمأ إلي المعرفة ، وعزم على الدرس والتحصيل الذي يقوده إلي التخطيط الواعي بأعماله الدعوية التي سوف ينجزها.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.